يعد ميرزا ملكم خان من أهم المفكرين الإيرانيين ذو الأصول الأرمينية، حيث ساهم بشكلٍ كبير في صياغة النهضة التنويرية الكبيرة التي حدثت في إيران الحديثة. وهو أحد المفكين البارزين الذين أحثوا جدلاً صاخباً ودارت حولهم الكثير من الروايات حول القومية الإيرانية والوطنية والوعي القومي والخيانة في بعض الأحيان نتيجة آرائه التي كان يدافع عنها باستماتة ولم يكن يعبأ بأي من حوله.
الحياة الاجتماعية
ولدَ ميرزا ملكم خان ناظم الدولة في مدينة أصفهان الإيرانية عام 1871 م. وبعد ما قام بتحصيل العلوم الأساسية في إيران اتجه إلى فرنسا . وهناك قام بتحصيل مجموعة من الفنون والآداب والعلوم ومنها: الرياضيات، الحقوق، الآداب، العلاقات العامة والإعلام، العلوم السياسية والقانون وقام بالاختبار في كل هذه العلوم والآداب على أيدي مجموعة عظمى من الأساتذة الفرنسيين وأثبت كفاءة ونجاح باهر.
بعد ذلك تم تعيينه سفيراً في نظارة الشئون الخارجية الإيرانية وسافر العديد من الدول كسفير لبلاد فارس هناك ومنها: مصر، إنجلترا، إيطاليا وفرنسا.
في بداية ترويجه لأفكاره لم تلق هذه الأفكار صدى لدى المجتمع الإيراني والمواطنين الإيرانيين لأن المجتمع الإيراني كان محافظاً لدرجة كبيرة وكانت أفكار ميرزا ملكم خان أفكار تنويرية جريئة بعض الشيء.
أفكار ميرزا السياسية والاجتماعية
أول ما بدأ في ترويجه من أفكار أهمية العلوم ولابد من الاستفادة من الخبرات والتكنولوجيا الغربية ومن الغرب في العلوم و الفنون و غيرها من الأفكار التي طرحها ومنها ما كان جريئاً لدرجة رفض المجتمع الإيراني له كلياً وجزئياً ألا وهى فكرة الأبجدية العربية للغة الفارسية وضرورة تغييرها لأن تعد أحد أهم أسباب التخلف والجهل في المجتمع الإيراني من وجهة نظره.
ومن بين الأفكار التي نادى بها ميرزا ملكم خان أهمية التعليم وأهمية محو أمية الشعب الإيراني الذي كان الغالبية العظمى منه جهلاء ومن بين الإستشهادات التي كان يستشهد بها في أهمية مسيرة التعليم الصعبة التجربة اليابانية التي عانت كثيراً حتى وصلت إلى درجة كبيرة من التقدم بفضل العلم والتعليم.
ومن بين هذه الأفكار أيضاً أهمية الصحافة التي كانت قد دخلت إلى إيران بفضل مساعي ميرزا ملكم خان وكان من بين أوائل الصحفيين الذين أسسوا صحيفة وكانت تحمل اسم قانون وكانت من أشهر الصحف الإيرانية في القرن التاسع عشر والقرن العشرين.
هناك الكثير من الاتهامات التي تُوَجَه إلى ميرزا ملكم خان بأنه كان ماسونيًا وهو أول من أدخل الفكر الماسونى في إيران ويتهمه بعض المفكرين والكُتاب الإيرانيين بـأنه أول من أسس أول محفلًا ماسونيًا في إيران وهو جمعية ” السلوان ” التي أسسها في طهران بعد عودته من باريس لتكن أول محفلًا ماسونيًا في إيران.
من بين أهم الأفكار التي نادى بها ميرزا ملكم خان والتي تعد أكثر أفكار جرأة هي فكرة تغيير الأبجدية العربية للغة الفارسية، تلك الأبجدية أو القضية التي أعتبرها ميرزا ملكم خان من أهم القضايا التي يعانى منها الإيرانيون وتتسبب في التخلف والفقر اللغوي الذي تعانى منه اللغة الفارسية بسبب ارتباط الأبجدية الفارسية بالأبجدية العربية التي رأى ضرورة انفصالهم عن بعضهم بعضًا مما أدى إلى هجوم شرس وعنيف من قبل المفكرين والعلماء والأدباء الإيرانيين على ميرزا ملكم خان.
كان ميرزا ملكم خان الي جانب تیاره النظري نشطًا سياسيًا و صحفيًا ذا تأثير كبير فى الداوائر الصحفية والسياسية والأدبية الإيرانية و كان ممن هاجموا الملكية بشكل كبير تارة و هادنها بشكل أكبر تارة أخري مما يدل على أنه كان من الشخصيات التي تحاول البحث عن أمجاد شخصية فقط.
وحسب معتقدات میرزا ملكم خان فإنه إذا ما إردت الأمم الشرقية اللحاق بركب التطور العالمي فإنه لابد من ترك مجموعة كبيرة من الأمور التراثية القديمة والعادات السياسية والاجتماعية التى اعتبرها دليلًا على التخلف واستبدالها بالمنجزات الغربية في شتي الجوانب السياسية و الاجتماعية و الثاقفية و الدينية.
على الرغم من النظرة الغربية فى كافة الأمور الدنيوية التى نادى بها وكان ينادى بها دائمًا ميرزا ملكم خان، إلا أنه إذا ما نظرنا إلى الرؤية الخاصة بالدين الإسلامى من وجهة نظر ميرزا ملكم خان فإنها لن تختلف كثيرًا عن علاقته بالحكم والملك حيث كان يوقر الدين الإسلامى وكان دائمًا ما يهادن رجال الدين الشيعة فى إيران إتقاءًا لشر مهاجمتهم مما يؤكد وجة النظر القائلة بإنه دائمًا ما كان يبحث عن أمجاد شخصية، لكنه كان يرى ضرورة بُعد الصورة الحضارية الإيرانية عن الدين فكان يرى أن أهم أسباب عدم سقوط إيران هو تحكيم القانون وتمكينه والنزوح دائمًا ناحية الحضارة الغربية بإعتبارها الحضارة الأسمى من وجهة نظر ميرزا ملكم خان.
صحيفة قانون ودورها التنويري في إيران
كانت صحيفة قانون التي أسسها وأشرف على تحيها ميرزا ملكم خان من أهم الأدوات التنويرية التي ساهمت في صياغة العقل الجمعي التنويري وأسس التنويرية في إيران الحديثة لما لها من ثقل في الوسط الصحفي الإيراني الناشئ حينها ولما لها من موضوعات في غاية الأهمية كان ميرزا ملكم خان يتناولها على صفحات الجريدة ومنها التقدم العلمي وأهمية العلم والتربية والتعليم في نهضة الأمم وكيفية الاستفادة من تجارب الغرب في النهضة العلمية والأدبية والفنية وغيرها.
يعد ميرزا ملكم خان أهم رواد التنوير وهو أستاذ ومدرسة علمية تنويرية سار على دربه الكثير من مفكري إيران القادمين بعده وأهم عبد الرحيم طالبوف و آخوندزاده ومحمد على جمالزاده وغيرهم.