أعاد مشهد قتل ثلاثة عناصر من قوى الشرطة وإصابة آخرين، بعضهم حرجة، بعد دهسهم بحافلة في العاصمة طهران، إلى الأذهان مايحدث في القدس حيث عمليات الدهس التي يقوم بها الفلسطينيين، فيما رأى خبراء أن حالة الدهس اليوم ستتحول إلى ظاهرة كما كانت في فلسطين العام الماضي.
وكانت عمليّات الدهس أحد الأسلحة الجديدة التي أضافتها الهبّة الشعبيّة الحاليّة إلى الرصيد النضالي الفلسطيني عبر تاريخه، فطوال سنوات من تغوّل آلة القمع الإسرائيلية، ومن صراع ظلّت العين فيه تقاوم المخرز؛ كان الفلسطينيّون يبتكرون أدوات نضاليّة جديدة، سرعان ما تخلق زخمًا ثوريًّا لدى الجماهير، بدءًا بالحجارة التي أشعلت الانتفاضة الأولى، مرورًا بما عُرف بـ«ثورة السكاكين»، والعمليات الاستشهادية، في تسعينيّات القرن الماضي، وصولًا إلى عمليّات الدهس الأخيرة.
ولعل ما ميّز تلك العمليّات، في فلسطين وإيران كحال معظم العمليّات هو أنّ أهدافها اقتصرت على الجنود.
واليوم تكرر مشهد فلسطين، في إيران حيث جاء الحادث على إثر تجمع لعناصر تنتمي لإحدى الفرق الصوفية أمام أحد مقرات الشرطة احتجاجا على ما قالوا إنه محاولة محاصرة وإلقاء القبض على زعيم فرقتهم.
و أعلن المتحدث باسم قوى الأمن الداخلي في إيران العميد سعيد منتظر المهدي، أن أحد المحتجين قاد حافلة وهاجم قوات الأمن الموجودة في المكان، قبل إلقاء القبض عليه، مشيرا إلى أن الشرطة طوقت المكان وأن الأوضاع تحت السيطرة.
ووفقا لتسجيل فيديو بث على وسائل التواصل الاجتماعي، فقد وقعت اشتباكات بين قوات الأمن وأعضاء في «فرقة الدراويش» تجمعوا أمام مركز للشرطة للمطالبة بإطلاق سراح بعض أعضاء طريقتهم الصوفية.
قبل أيام تصدّر اسم الدراويش الغناباديين الواجهة في إيران، بعد احتجاجهم على قرار اعتقال زعيمهم أو الذي يعرف اصطلاحاً بقطب طريقتهم الصوفية نور علي تابنده. تجمعوا أمام منزله لمنع اعتقاله رغم التواجد الأمني المكثف في محيط المنطقة الواقعة شرقي العاصمة طهران.
وأبدى المحتجون امتعاضهم من القرار القضائي، الذي صدر على خلفية إحراق عدد من المساجد والحسينيات خلال التظاهرات التي خرجت في عدة مناطق من إيران الشهر الماضي، واتهام الدراويش بالتحريض على ذلك.
الدراويش الغناباديون، هم أتباع إحدى الطرق الصوفية وأكبرها في إيران، ويسمون بالغناباديين نسبة إلى مقرهم الرئيس الواقع في منطقة غناباد جنوبي محافظة خراسان رضوي، وهي الواقعة بدورها شمال شرقي إيران. كانت تسمى سابقاً غنابا، وجنابد، ويسكنها اليوم عشرة آلاف نسمة تقريبا.
المشهد مشابه
وتوقع شريف عبد الحميد الباحث في الدراسات الإيرانية والفارسية، أن تتكرر عمليات دهس قوات الشرطة في طهران ومحافظات أخرى في إيران الفترة المقبلة، بسبب حالة الغضب الشديدة التي انتابت بين جميع المواطنين تجاه ولاية الفقيه.
وقال عبد الحميد، في تصريح لـ«إيران خانة»:«عمليات الدهس في طهران، مؤشر لتزايدة حدة الغضب الكامنة في الشعب الإيراني ضد النظام والشرطة، وأتوقع أن تتكرر وتصبح ظاهرة على غرار فلسطين، خاصة وأن المشهد مشابه بسبب ممارسات الشرطة في البلدين».