في الثامن عشر من شهر يونيو / حزيران الماضي نفّذت السُلطات الإيرانية حكم الإعدام في رجُلٍ يُدعَى “محمد سلاس”؛ والبالغ من العمر 46 عامًا، بعد أن وجّهت له المحكمة الإدانة بقتله لثلاثة أفراد من عناصر الشرطة الإيرانية، عقب قيادتهِ لحافلة عبر حشد منهم أرداهم من خلاله قتلى، خلال الاشتباكات التي اندلعت بعد قمع قوات الأمن العنيف لمظاهرات اشتعلت في 19 و20 فبراير/شباط الماضي.
لكن فيصل الأمر في حادثة الإعدام هذا ما صاحبها من صخبٍ دُوليّ وحُقوقيّ لتنفيذ السُلطات الإيرانية له، رُغم سجل الانتهاكات الواسع للنظام الإيراني في حق فئام المعارضين من شعبه، ولكن كان مُحمَّد محسوبًا على أقليةٍ دينيةٍ مذهبيةٍ جديدة في المجتمع الإيراني، وهي “دراويش كنابادي”.
فمن هُم دارويش كنابادي؟، وكيف أصلحوا أقليةً دينية؟، وكيف يتعامل معهم النظام الاثنا عشري الحاكم؟، وهل هم على شاكلة الشيرازيين الذين غضب عليهم النظام أو سيكونون كذلك؟.
أسئلةٌ نُجيِب عنها في سلسلة تقاريرنا عن الكناباديين الدراويش.
الدراويش الكناباديون: مدخل تاريخي
بادئ ذي بدء، فالدراويش الكناباديون أو الغناباديون، هم أتباع إحدى الطرق الصوفية وأكبرها في إيران، ويسمون بذلك الاسم؛ نسبةً إلى مقرهم الرئيس الواقع في منطقة “كناباد”، جنوبي محافظة خراسان رضوي، وهي الواقعة في شمال شرقي إيران. وقد كانت تُسمَّى هذه المنطقة سابقًا غنابا، وجنابد، ويقطنها الآن عشرة آلاف نسمة تقريبًا.
ومن هذه المدينة أو المقاطعة، صدر اسم كنابادي: حيث وُلِد حاج ملا سلطان محمّد كنابادی؛ وهو الملقّب بــ”سلطان علیشاه”، وهو أحد كبار مشايخ الطريقة، وهو أحد التابعين لــ”شاه نعمة الله ولي”، وعُدَّ سُلطان عليشاه القطب الرابع والثلاثين في مشايخ الطريقة.
- المؤسِّس: شاه نعمة الله ولي:
نقلًا عن تقرير لموقع “بوابة الحركات الإسلامية”؛ فقد تأسست الطريقة الكنابادية نهاية القرن التاسع الهجري، والرابع عشر الميلادي، على يد الشاعر الصوفي الإيراني، السيد، “نور الدين شاه نعمة الله بن عبد الله بن محمد بن عبد الله بن يحيى العلوي الحسيني الكرماني الماهاني”، وهو المعروف بـ”شاه نعمة الله ولي”، وينسبه البعض إلى الإمام السادس في ترتيب الأئمة الاثنا عشر، جعفر الصادق.
وُلِد “نعمة الله ولي” في مدينة حلب السورية، عام 730 هـ، وأقام بالعراق ثم بمكة المُكرَّمة، كما زار مدينتي يزد وهراه، وسمرقند، ثم وصل به المطاف إلى ماهان وهي من مقاطعات وتوابع محافظة كرمان، وتُوفِّي في الخامس من رجب سنة 820هـ، وقِيل 834 هـ.
زار الشاعر الصوفي أماكن متعددة في العالم الإسلامي، وقد أخذ كما ينقل التقرير، ينتهل من فلسفات ومَنطقة العديد من المشايخ، وفي تلك الفترة درس كتابات أحد أبرز فلاسفة ومُنظِّري الصوفية، ابن عربي -والذي زندقه علماء مذهب أهل السُنّة والجماعة-. وقد التقى شاه نعمة الله في نهاية رحلته العلمية والبحثية بالشيخ عبدالله يافعي في مكة، وصار مُريدًا له وأحدأبرز تلامذته. كما قد عكف على كتابات أستاذه والتعلُم على يديه سبع سنوات، ثم مكَّنه ما حازه من علمٍ وفلسفة على أن ينطلق في رحلةٍ جديدة، ولكن هذه المرة كأستاذٍ باحث ومُحقِّق.
مكث نعمة الله بشكلٍ مؤقت في مدينة سمرقند -تقع في دولة أوزبكستان حاليًّا- الواقعة على طريق الحرير، في وسط آسيا. وقد التقى هناك بتيمور لنك -وهو أحد أباطرة وحكام المغول-، ولكنه قد رحل من هناك، خشيةً على نفسه منه، ليستقر به المقام في مقاطعة كرمان الفارسية. ومزاره يقع في ماهان؛ وهي قريةٌ قريبة من مدينة كرمان العاصمة.
وكانت له آثار وكُتُب بارزة أبرزها، ديوان شعر، و”نصيحت ملوك”، و “نكات صغير”، و “شرح فاتحة” و “منهاج المسلمين”، و”مكاشفة”،وغيرها.
إذًا فالمؤسِّس الأول كان شاعرًا فيلسوفًا يهوى الصُوفية كمثل مُريديها الذين ينتشرون في جنبات الأرض حاليًّا، واتخذ طريقه كالصوفيين الأوائل في التِرحال والتنقُل من بلدٍ لآخر بحثًا عن نور الله، كما يزعمون ويعتقدون.
وقد تُوفِّي عن عمرٍ يناهز 104 سنوات، وشُيِّد له مرقد ضخم -كعادة القبور والمشاهد في إيران- من قِبل أحد سلاطين ولايات الهند، على مساحة تقرُب من 32000 متر مربع، وبارتفاعٍ يبلغ ثلاثة أمتار، وعرضه متران، مُغطَّى على بوابته حجر رخام ضخم منقوش على جوانبه أسماء الأئمة الاثني عشر من أهل البيت، كما يزعمون.
وحتى هذه اللحظة فالجماعة لم تتقاطع مع أُمورٍ سياسية البتة، ولكنها شأنها شأن الجماعات الصُوفية في طورها الأول الروحاني والديني البحت، والذي لا يتداخل مع النُظُم السياسية أو الحركة المجتمعية إلا عندما تُستدعَى إلى ذلك.
- التحول الأول:
حدث عندما أمسك الصفويون بزمام الأمور والحكم، وتحولت إيران من مذهب أهل السُنّة والجماعة إلى المذهب الشيعي الاثنا عشري.
وقع تراجع مُكبَّر لحضور “دراويش كنابادي”؛ نظرًا لسياسة الدولة الصفوية (1501-1736)، ولكن عقب زوال حكم الدولة الصفوية، وتأسُس حكم القاجاريين، وحدوث تغيير ملموس في المَناخ السياسي، أُعيِد إحياء وبعث طريقة نعمة الله ولي الصوفية بشكلٍ كبير وواسع على يد شيخها المعاصر آنذاك “رضا على شاه”، وكان محمد حسين خان؛ الملقب “حسين على شاه بن محمد على نور على شاه الأول الأصفهاني”، وهو عُنصُر محسوب على صوفية نعمة الله ولي، وقد زاد نفوذهم داخل الدولة القاجارية؛ والتي كانت على مقرُبةٍ من الجماعات الصوفية، وأصبح للدراويش مناصب سياسية عليا في ظل حكم القاجاريين للبلاد.
- العقيدة:
أصبحت النظرة الآن لدراويش كنابادي نظرةً بعين الاهتمام، نظرًا لتوسعهم الأُفقي والرأسي على حدٍّ سواء؛ والذي حقّقوه في فترة حكم القاجاريين، ومن ثمَّ فكان لا بُد من التعرف على وضع هذه الطريقة عقديًّا. لاسيما أنهم كانوا يُطلقون على أنفسهم “أهل الحق”، في محاولةٍ لاكتساب الشرعية الدينية النابعة من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، بأن هُناك فرقة ناجية واحدة من أُمته بعدما تفترق على اثنين وسبعين شُعبة.
بالإضافة إلى محاولة تشبههم بمذهب أهل السنة والجماعة، والذي كان يتحلق علماؤه والقائمون عليه هُناك في مكة المُكرَّمة والمدينة المُنوَّرة. وقد ذكرت مراجع أن أهل الحق هؤلاء؛ كانوا يعيشون غربي إيران قبل قرون، وكانوا يؤمنون بمذهبٍ باطنيّ. وآخرون رجّحوا أن معتقداتهم ممزوجة ومتأثرة ببعض الديانات الإيرانية القديمة، والمذهب الإسماعيلي، والعقيدة المانوية.
وحاليًّا، فالدراويش جزء وركن من المذهب الشيعي شكلًا وموضوعًا، حتى أنهم يُصنَّفون بأنهم من متشددي وراديكاليو هذا المذهب، وقد استند أساس معتقدهم إلى معنى ومفهوم حقيقة خلق الكائنات، كما أنهم يؤمنون بأن البشرية بدأت من خلق آدم، وبأن النبي محمد صلوات ربنا وسلامه عليه، هو خاتم الأنبياء، بالإضافة إلى الاعتقاد بأن الإمام علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- هو رأس الإمامة، والتي تنتقل منه للإمام الثاني عشر، وبعد غيبة الإمام المهدي ينتقل رأس الإمامة إلى أتباعه وأقطابه واحدًا تلو الآخر كما يعتقدون.
ويُرجَّح أن الجماعة تنقسم إلى ثلاث طرق، طريقة “ذوالریاستینی”، وطريقة “سلطان علی شاهی”، وطريقة “صفائی”، وتتفاوت الثلاث طرق حسب قربهم من مدرسة أهل الفقه.
وقد نقل تقرير لموقع “العربي الجديد”، رؤية مُتخصِّصيّ التاريخ حول الكانباديين، بأن ما يؤمنون به أن ما يؤمن متأثر بشكلٍ كبير بالأفكار الإسلامية، واليهودية، والمسيحية والزرادشتية على حدٍّ سواء، بالإضافة إلى عقائد هندية ومانوية، وقد أصبح لِزامًا على كُل من أراد الالتحاق بهم، أو أراد الوصول إلى مرحلةٍ أو رتبةٍ روحية أن يقوم بذلك على طريقتهم وبنهجهم.
ومنذ هذا الآن، فقد أصبح الكناباديون يتبعون سِلسال نعمة الله ولي، وينتسبون له، ويتبعون طريقته ويسيرون على نهجه، لكن ما هو دستورهم؟ وكيف ينظرون إلى أنفسهم؟ ومن هم أبرز أقطابهم؟، وما هو مدى حجمهم بالصُورة الأُفقية والرأسية أيضًا؟.
- الدستور:
وضع الكناباديون دُستورًا لهم، يُنظِّم ويضع أُطُر ومبادئً رئيسة تحكم المنتمين للطريقة، وتُشكِّل وتُهيكِل سلوكياتهم وأفعالهم وطرائق معايشهم، وتتمثل هذه المبادئ في الآتي:
- منع استخدام المخدرات بصُورةٍ قطعية.
- الصوفي الكنابادي عليه أن يمتهن أية مهنة لتأمين معيشته، والامتناع عن العزلة.
- عدم ارتداء زي مُميَّز من الممكن أن يُوجِد حاجزًا تمييزيًّا بين المنتمي للطريقة وبقية أبناء المجتمع.
- احترام كافة الأديان والمذاهب، والتعامل معهم بصورةٍ ودية تتسم باللطف والرفق واللين.
- نشر وإفشاء قيم السلام والإخاء والمساواة.
مَكمن الاختلاف بين الكنابادية وبقية الطُرق الصُوفية الأُخرى، هي منع وعدم إجازة فكرة العُزلة والزهد، بالإضافة إلى عدم انتهاج عادات خاصة تمييزية تُؤطِرهم وتصنع بينهم وبين باقي الجماهير هُوةً، فوفقًا لكلمات زعيمهم الروحي الحالي وقُطبهم، فأنه يتم تحرير جميع الدراويش في حياتهم الشخصية والاجتماعية فلا يخضعون بشكلٍ أو بآخر لقيودٍ سوى التي تُمليها عليهم بنود دستورهم.
يتخذ الكناباديون مُفاصلةً مع السياسة، فينزاحون عن أية توجهات سياسية كما يعبرون عن أنفسهم، لكنهم يقولون عن أنفسهم أنهم يقفون ضد القمع، ويستجيبون لأهم المسائل الإنسانية في مجتمعاتهم.
للصوفية عامةً سؤالهم الوُجودي الخاص بــــ”من أين أتيت؟ ولماذا أتيت؟”، والكنادبايون يُجيِبون عن هذا الاستفسار وفق آليات وأدوات تفكيرهم، بأن هذا هو السبب في حياتهم.
فقد أورد موقع “بوابة الحركات الإسلامية”، طرفًا من قول أحد أتباع الطريقة، كسرى نوري: “إن اختلافنا مع الآخرين قد يكون أننا نعرف ما نريده من حياتنا وكيف نعيش”. إن أعمالنا وأفعالنا تتوافق مع نظرياتنا، ونحن نفعل ما نقوله، أي الوصول إلى الحقيقة، طريق الطلاق والمساواة والصداقة”.
وللكناباديين، أوقات يجتمعون فيها وهما يوما؛ الاثنين والجمعة، في مبنى الحُسينية، وتكون اجتماعاتهم متاحة للجمهور، سواء كانوا دراويش أو من عداهم.
الأقطاب
تُعتبَر أحد أهم مبادئ اتباع الطريقة، هي الولاء التام لممثل الإمام الغائب على الأرض وهو ما يُسمّى “القُطـب”، وإلي جانب القطب الذي يشكل رأس الطريقة ومرشدها الروحي، يأتي 6 مشايخ يختارهم القطب لإدارة الطريقة، وهم يعدون بمثابة المعلمين الروحيين لأتباع ومُريِدي الطريقة.
يعد الأقطاب في الفكر الصوفي عامةً والطريقة الكنابادية خاصةً، جُزء لا يتجزأ من صُلب العقيدة الصوفية وأحد أهم دعائمها، وقد صنّفت بعض المصادر أن الأقطاب لدى الكنابادين شأنهم شأن الأئمة المعصومين لدى المذهب الشيعي، وهذا عُدَّ أحد مكامن الخلاف بين الفكر الصوفي والشيعي بصُورةٍ مُطلقة، ولكنه استتبع خلافًا أشد بين مذاهب الشيعة الصوفية والاثنا عشرية منهم، دفع هذا رجال الدين الإيرانيين المحافظين والفُقهاء منههم لأن يعتبروا أن التصوف خارج دائرة الشيعة وحتى من دائرة الإسلام إجمالًا.
- نور علي تابنده:
نور علي تابنده، هو القُطب الحالي للدرويشية الكنابادية، ويُلقَّب بـــ”مجذوب عليشاه”، وهو مُمسِك بزمام زعامة الطريقة منذ ما يربو على 20 عامًا، وذلك عقب وفاة سلفه “محبوب عليشاه”، والذي ترك وصية أوصلت تابنده للقب قُطب هذه الطريقة الصوفية.
وُلِد تابنده للرابع عشر من شهر أكتوبر / تشرين الأول من عام 1927، في مدينة بيدخت التابعة لإقليم كناباد، وجدّه كان قُطبًا للدراويش من قبله، ودرس تابنده العلوم الإسلامية بالإضافة إلى الحقوق، كما كان تلميذًا للسلطان حسين تابنده المُلقَّب بــ”رضا عليشاه الثاني”.
كما حظى بتعلُم علم الفلك القديم والجديد من والده، ثم انتقل إلى طهران لمواصلة مشواره التعليميّ الصاعد. وفي عام 1945، تخرج من المدرسة الثانوية في طهران مع أعلى الدرجات الحصول على شهادة في الأدب، كما حصل عام 1946على دبلوم في علم الأحياء أيضًا.
ولم يتوقف عن التعلُم الديني، فقد التحق بالتعليم الديني، حيث تعلم علوم الفقه والشريعة وعلوم التصوف، ولا سيما مع أخيه العظيم، الحج سلطان حسين طبنده. وحضر دروسًا مع أساتذة وشيوخ في هذا العلم أمثال، محمود شهابي، سيد محمد مشكوت، والشيخ محمد سونغولجي.
ثم أكمل دراسته في فرنسا، وحصل على الدكتوراه في القانون، عام 1957، وحصل برفقتها على دبلومةٍ في اللغة الفرنسية. وحصل أيضًا على منحةٍ دراسيةٍ من الحكومة الفرنسية لدراسة والبحث في القوانين القضائية، في المدرسة الدولية للإدارة (I.I.A.P)، كُلِّلت بحصوله على دبلوم في الإدارة القضائية، عام 1968.
السُلم الوظيفي لتابنده كان حافلًا، فقد عمل تابنده قبل الثورة الإسلامية في العام 1979، في وزارتي الخارجية والعدل الإيرانيتين، كما عمل أيضًا في محكمة طهران، وصار مستشارًا لحاكم ولاية طهران.
وخلال أيام الثورة تبنى قضايا للدفاع عن الطلاب، ورجال الدين الملاحقين من نظام الشاه بالمجان، حتى أنه عمل كمُحاميٍّ خاص لآية الله سيد مرتضى صالحي، شقيق آية الله الخميني نفسه، مرشد الثورة الأول وفيلسوف الثورة الإسلامية، كما عمل أيضًا محاميًّا لآية الله جلال الدين طاهري، إمام مسجد أصفهان. وعقب انتصار الثورة، عمل فترةً وجيزة في وزارة الثقافة، كما تدرج حتى أصبح نائبًا ووكيلًا لوزير العدل حتى عام 1980، وعضوًا في اللجنة الإدارية لمؤسسة الحج. وقد تقاعد تابنده مرتين عن العمل العام 1976، و1980 على الترتيب.
ولكن نقطة التحول الصُوفي بالأخص لتابنده كانت في عام 1952، عندما درس على يد والدهِ التصوف بصُورةٍ أكثر استغراقًا وتعمُقًا، كما تأثر بشكلٍ بالغ بالمستشرق الفرنسي الدكتور، هنري كوربان، خلال دراسته للحصول علي الدكتوراه في باريس.
وكوربان كان أستاذ محاضر في جامعتي السوربون وطهران، وكان أيضًا رئيسًا للمعهد الفرنسي – الإيراني، وكان مُطلِّع على كثير من المخطوطات والوثائق الاسلامية، كما كان أيضًا على اتصالٍ وثيق مع كبار رجال الفكر والدين هناك، لا سيما اتصاله بينه وبين السيد، محمد حسين الطباطبائي.
كما كانت هُناك نقطة تحول أُخرى في حياة تابنده، وهي توليه زمام الطريقة، على إثر وصيةٍ مدوَّنةٍ من سلفه وابن اخيه والخليفه الرابع للجماعة، في العشرين من أكتوبر / تشرين الأول من عام 1992، محبوب علي شاه، والذى أوصى باختيار تابنده خليفةً له، والقُطب الجديد للطريقة.
وفي السادس عشر من يناير / كانون الثاني من عام 1996، أصبح تابند قُطب الجماعة الدرويشية الكنابادنية.
ومنذ تولي تابنده بالأخص قيادة الكنابدة، وقد أصبح حجمهم وأعدادهم تتزايد وتتسع وتنتشر كبقعةٍ زيت أرّقت نظام الملالي، فرُغم التقارُب في الأصل، لكن الخلافات الفرعية أشعلت الوضع بصُورةٍ هائلة وفجّرته من الداخل، فالإقليم الذي كان من عشرة آلاف شخصٍ فقط، أصبح عدد الذين يؤمنون ويعتقدون باسمه طريقةً كُبار يبلغ عدد أتباعها ومُريِديها خمسة ملايين شخص، وأصبحت الطريقة تُقدِّم صورة تميل للشكل الإصلاحي وتنشر قيمًا هي أبعد ما تكون عن الملالي المحافظين الذين يتقلدون الحكم.
ومالت أعداد ليست بالبسيطة من الإيرانيين للطريقة الكنابادنية، وبدأت بذور الصراع بين الأقلية والنظام الديني الغاضب في الانبلاج والطفو على السطح.