قد يكون غريبا على مسمعك معرفة أن إيران ذلك المجتمع المنغلق يمتلك تاريخًا سينمائيًا كبيرا، لكن المتابعين بشكل جيد لإنتاجات الفن السابع يعلمون أن دولة الملالي سطَّرت العديد من الصفحات المضيئة في تاريخ هذة الصناعة بفضل عدد من المخرجين الإيرانيين وصلت أفلامهم لمناصات أهم الجوائز المحلية والعالمية الخاصة بذلك العالم الساحر، وهو ما نتعرض له في السطور التالية.
1- عباس كيارستمي
ولا يمكن أن نتحدث عن أهم المخرجين الإيرانيين أصحاب الفضل الأول في تسطير تاريخ السينما الإيرانية، دون أن نفتتح ذلك بالحديث عن المخرج عباس كيارستمي الذي يمتلك في سجله العملي أكثر من 40 فيلمًا يطلق على أغلبهم صفة العالمية، لما حظوا به من اهتمام إعلامي وجماهيري على مستوى العالم أجمع وليس في إيران فقط، وأبرزها بالطبع (طعم الكرز، أين يقع منزل صديقي، close up، الحياة تستمر، عبر أشجار الزيتون، مثل شخص واقع في الحب).
وخلال مشواره الفني نال كيارستمي العديد من الجوائز والتكريمات، لكن يبقى اهممها جائزة فرنسوا ترافو من مهرجان جيفوني الايطالي، وجائزة روبرتو روسوليني من مهرجان كان الفرنسي وكذلك جائزة أكيرا كورساوا من مهرجان سان فرنسيسكو السينمائي والتي أهداها وقت حصوله عليها للسينمائي بهروز وتوفي تقديرا لما قدمه للسينما الإيرانية.
وبعيدا عن الفن وابداعاته فصاحب الـ 76 عاما له العديد من المواقف التي لا تؤكد شيئا سوى حبه لوطنه، يأتي في مقدمتها رفضه مغادرة إيران بعد قيام الثورة الإسلامية مثله كمثل الكثير من السينمائيين والنخبة الثفافية وقتها، وفضل العيش ببلاده يحارب فيها مع الأجهزة الرقابية لتقديم أفكاره ورؤيته عبر مشاريعه السينمائية.
2- جعفر بناهي
مخرج فيلم “البالون الأبيض” جعفر بناهي، واحد من أهم من أثروا تاريخ السينما الإيرانية، رغم خلافه الدائم مع السلطات الأمنية التي وجهت له أكثر من مرة اتهامات تهديد الأمن الوطني والدعايا على النظام الحاكم، وكذلك وضعته قيد الاقامة الجبرية لأكثر من مرة، إضافةً إلى إصدار حكم قضائي بحبسه لمدة 6 سنوات.
غير أن كل هذا لم يمنعه من صناعة سينما أقل ما توصف به العبقرية والإبداعية؛ وفقًا لتقدير أهم المهرجانات السينمائية لها والتي لم تبخل بجوائزها عليه، فحصد جائزة الدب الذهبي من مهرجان برلين السينمائي عن فيلم “تاكسي”، وقبلها كان قد حصد جائزة الدب الفضي من نفس المهرجان عن فيلم “تسلل”، إاضافة إلى جائزة مسابقة “نظرة ما” من مهرجان كان السينمائي عام 2003، وجائزة الأسد الذهبي من مهرجان البندقية السينمائي عن فيلم “الدائرة”، وأخيرًا وليس آخرًا جائزة كاميرا الذهب من مهرجان كان السينمائي عن فيلم “البالون الأبيض”.
3- أصغر فرهادي
حائز الأوسكار المخرج وكاتب السيناريو أصغر فرهادي، يعد أيضًا واحدًا ممن يمتلكون لمسة واضحة في تاريخ السينما الإيرانية، رغم أنه لا يمتلك تاريخا سينمائيا كبيرا وأعماله جميعها لا تتخطى عدد أصابع اليدين، إلا أن تميزها جعله واحدًا من أهم السينمائيين في إيران، ويكفي أنه مخرج فيلم “انفصال” الذي حصد أكثر من 30 جائزة من أغلبية المهرجانات المهتمة بصناعة السينما حول العالم، إضافة إلى حصده جائزة الأوسكار لأفضل فيلم أجنبي عام 2012 بجانب جائزة الدب الذهبي لأحسن فيلم من مهرجان برلين السينمائي في نفس العام.
صاحب الـ 45 عاما لم يتربط اسمه بالأوسكار فقط عبر فيلمه “انفصال” فقبل ذلك ترشح فيلمه “عن ايلي” الفائز بجائزة الدب الفضي لأحسن مخرج من مهرجان برلين السينمائي، للمنافسة على جائزة الأوسكار لافضل فيلم ناطق بغير الإنجليزية، لكن الأمر لم يتخط مسألة الترشيح فقط وقتها.
ومؤخرا حصد فرهادي جائزة الأوسكار من جديد بفيلمه “البائع” كأفضل فيلم أجنبي ولكنه تغيب عن حفل استلام الجوائز حينها اعتراضا على قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن منع مواطنيين عدد من الدول أغلبها عربية الهجرة إلى الولايات المتحدة الأمريكية.
4- مجيد مجيدي
وبالحديث عن الأوسكار لا يمكن أن نغفل المخرج مجيد مجيدي صاحب البصمة الخاصة في تاريخ السينما الإيرانية أيضا، حيث سبق وترشح فيلمه “أطفال الجنة” لنفس الجائزة لكنه وقتها خسرها لصالح الفيلم الإيطالي “الحياة حلوة” للمخرج روبرتو بينيني.
وفي مشوار المخرج الإيراني العديد من الأفلام الهامة أيضا بخلاف “أطفال الجنة”، جميعها تعد من أبرز إنتاجات السينما الإيرانية ومن بينها (يوم مع المساجين، يوم الامتحان، الأب)، إضافة لآخر أفلامه حتى الآن “محمد رسول الله”.
“مجيدي” إسهاماته بالسينما الإيرانية تخطت كونه مخرجًا فقط، فقد ساهم في كتابة سيناريوهات العديد من الأفلام، وكذلك له عدة تجارب تمثيلية، إضافة إلى قيامه بمهام المنتج لأكثر من عمل سينمائي.
5- أمير نادري
المخرج أمير نادري صاحب الـ 71 عاما، إيراني آخر تتحدث أفلامه عن بصمة بتاريخ سينما وطنه، فصاحب جائزة الأسد الذهبي عام 2008 من مهرجان البندقية السينمائي عن فيلم “قصة حقيقية”، قدم للسينما الإيرانية ما يتخطى 20 فيلمًا أغلبيتها تعد عالمات مضيئة في سينما دولة الملالي.
ومن بين تلك الاعمال (the experience، harmonica، cut، tight spot، the runner)، نادري لا يخرج فقط بل ساهم أيضا في كتابة أكثر من فيلم للسينما الإيرانية وكذلك السينما الأمريكية، وليس هذا فقط بل كذلك له تجارب إخراجية بالسينما اليابانية.