ما زالت مشكلة حرية الدين والاعتقاد وتوفير الأماكن الخاصة بالعبادة لكافة الأقليات الدينية في تركيا وخصوصاً الأقلية العلوية الشيعية تمثل أكبر تحدٍ للدين والاعتقاد في تركيا. فحق الحرية في الاعتقاد والعبادة ووجود حرية في إنشاء أماكن العبادة هو حق أصيل لأي شخص في العالم ويعد هذا الأمر من الأمور التي دائماً ما توجه منظمات المجتمع الدولي وحقوق الإنسان العالمية تقدم اللوم للسلطات التركية فيه.
تهميش العلويين في تركيا
إن موضوع حرية الاعتقاد وضرورة وجود أماكن آمنة للعبادة لكافة أبناء الديانات السماوية وغير السماوية هو أمر من الأمور الاجتماعية الخاصة الذي يتدخل فيه السياسة وهو حق أساسي للمواطن ينص عليه الدستور ولكن الأمر في تركيا مختلف إلى حد كبير.
يعد موضوع دور العبادة من الموضوعات المهمة التي تهم كافة المنظمات والأفراد على مستوى العالم لما له من دور كبير في تنظيم الأنشطة والشئون الدينية والعقائدية في أية ديانة وأية دولة على مستوى العالم. وضرورة وجود أماكن للعبادة في تركيا يعد أكبر الاختبارات السياسية والاجتماعية والدينية للسلطة في تركيا للوقوف على وضعية الدين والاعتقاد بها . فخلال مسيرة تركيا الديمقراطية تظل مشكلة توفير أماكن عبادة خاصة بالشيعة العلويين في تركيا حجرة عثرة أمام تقييم إنجازات الديمقراطية هناك.
مشكلات العلويين في المجتمع التركي
كانت هناك محاولات كثيرة لحل مشكلات المجتمع العلوي وتجمعات العلويين في تركيا منذ العام 2009 حيث بدأت إجراءات تركية حثيثة لحل أهم المشكلات التي تواجههم والتي كانت تتمثل في الحرية في إقامة الشعائر الدينية الشيعية في تركيا بالإضافة إلى السماح إلى العلويين بإنشاء حسينيات شيعية أو دور عبادة شيعية في تركيا ولكن سرعان ما توقفت هذه الإجراءات لأسباب مبهمة.
هناك العديد من الحقوق التي يريد العلويين من الحكومة التركية تنفيذها وفقاً للقرارات الدولية الخاصة بحرية الاعتقاد ومنها على سبيل المثال تمثيل قوى للعلويين في وزارة الشئون الدينية التركية من أجل متابعة ومباشرة كافة الحقوق العلوية التي لا يهتم بها النظام الحاكم في تركيا أو حتى لا تهتم بها الحكومة التركية وهى حقوق مشروعة، نشر الثقافة العلوية أو الشيعية في أنحاء تركيا بكل حرية بالإضافة إلى الأخلاق والمعلومات حول التشيع و الأقلية العلوية في تركيا باعتبارها أكبر أقلية دينية موجودة في تركيا وضرورة السماح للعلويين بكل حرية بممارسة الشعائر التعليمية الدينية للمذهب الشيعي العلوي في تركيا عن طريق إنشاء المدارس والمجمعات التعليمية والثقافية لنش المذهب العلوي في تركيا.
ولكن من أجل تلبية كافة هذه الحقوق المشروعة للعلويين في تركيا من وجهة نظر الحقوق الدولية يجب على السلطة والحكومة في تركيا أن تغير من سياستها التهميشية الخاصة بالعلويين في تركيا.
الحسينيات غير معترف بها في تركيا باعتبارها أماكن للعبادة . وهنا تكمن المشكلة الحقيقية بين السلطة والدين في تركيا فالمشكلة هنا بين المجلس الوطني العلوي التركي والبلديات و المحليات في تركيا بسبب عدم اعتراف البلديات الممثلة للسلطة والحكومة التركية باعتبار الحسينيات دور عبادة. ولابد وأن تتحلى الحكومة التركية بواجبها تجاه الأقليات الدينية هناك وأن تصدر قراراً رسمياً باعتبار الحسينيات دو عبادة شأنها شأن كافة دور العبادة الأخرى في تركيا وهنا يكمن العامل الأساسي في حل أزمة العلويين في تركيا.
يتبع العلويين في تركيا الكثير من منظمات المجتمع المدني العلوية بالإضافة إلى مساندة وتعاطف العديد من المنظمات الحقوقية الدولية لهم في حقوقهم المشروعة في الحصول على قرار رسمي بحرية ممارسة شعائرهم الدينية . وهذا الأمر يعرض تركيا للانتقاد من جانب كافة المنظمات الحقوقية سواء في الداخل أو الخارج . ومن بين أخطر القرارات التي واجهتها تركيا بسبب الحسينيات الشيعية هناك قرار الإتحاد الأوروبي بعدم حصول تركيا على العضوية به بسبب بعض من المشكلات الأساسية في الداخل التركي التي يعانى منها المجتمع وكان من بينها مشكلة العلويين والحسينيات في تركيا.
حرية الاعتقاد وممارسة الشعائر الدينية و إنشاء دو العبادة في تركيا مكفول لكافة أبناء الطوائف الدينة في تركيا من مسلمين و مسيحيين ويهود ما عدا العلويين الشيعة وهناك تكمن المعضلة الدينية الأساسية بالنسبة للحقوق الدينية في تركيا وهى عدم حصول أهم طائفة دينية في تركيا على الحرية في ممارسة الشعائر الدينية الخاصة بهم وعدم السماح لهم ببناء الحسينيات على غرار الديانات الأخرى.
هناك منظمات حقوقية دولية تعقد مقارنة بين السماح بحرية إنشاء المساجد في تركيا ورفض السلطات التركية إنشاء الحسينيات وتعتب هذا الأمر اضطهاد وتقصي في تلبية الاحتياجات الدينية للمواطن العلوي هناك.
الحقوق الدولية
على الرغم من تصديق تركيا على كافة المعاهدات الدولية الخاصة بحرية العقيدة والدين في العالم إلا أنها لا تزال تواجه الكثير من المشكلات الخاصة بحرية إنشاء دور العبادة في الداخل التركي . حيث أنه لا تعتبر الحسينيات حتى الآن من دور العبادة في تركيا فيجب الفصل بين المعتقدات الدينية وحرية العقيدة.
إن اعتبار الحسينيات ” منازل جم ” في تركيا ليس شرطاً لممارسة المعتقدات الدينية الشيعية . وهو ما يعد نقضاً واضحاً لحقوق الإنسان في تركيا.
لم تقم الحكومة في تركيا باتخاذ أية تدابير أو إجراءات من أجل تحسين الظروف الخاصة بحرية العلويين في الاعتقاد.
تنص المادة رقم 24 من الدستور التركي على أن الدولة تكفل حرية العقيدة والاعتقاد في تركيا بل وتتكفل بضمان حرية إنشاء الأقليات الدينية دور العبادة الخاصة بهم وهو ما لم يتم تطبيقه على أرض الواقع.
ومن القوانين الأخرى الخاصة بدور العبادة في تركيا قانون الإنشاءات أو الإسكان الذي ينص في مادته رقم 3194 على أن المحليات والبلديات والمحافظات التركية تقدم تقريراً إلى الوزارات المعنية بالشئون الدينية والأمور الإسكانية لكي تضع الخطة الخاصة بدور العبادة سواء أن كانت قصيرة أو طويلة المدى.
محاولات الاستقطاب الإيرانية
يحاول النظام الإيراني مرارًا وتكرارًا استقطاب العلويين الشيعة في الأناضول التركي بحجة التشيع وسياسات المذهبية التي يتبعها النظام الإيراني ولكن هناك تخوف من جانب العلويين الأتراك من التقارب مع النظام الإيراني بسبب إدراك العلويين الأتراك أن النظام الإيراني يريد استخدامهم كورقة ضغط في يد النظام الإيراني من أجل الضغط على الحكومة التركية في كثير من الأمور والمصالح التي تخص النظام الإيراني، علاوةً كون معظم العلويين الأتراك من الأكراد ولديهم مشكلات عرقية ومذهبية بجانب المشكلات السياسية والاجتماعية مع النظام الإيراني.