عادت العلاقات المغربية الإيرانية للتوتر مرة أخرى، حيث أعلن وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي المغربي، ناصر بوريطة، في مؤتمر صحفي، أمس، أن الرباط قررت غلق سفارة إيران وطرد سفيرها.
واتهم الوزير المغربي حزب الله اللبناني بالضلوع في إيصال الأسلحة إلى “البوليساريو”، قائلًا: “كانت أول شحنة من الأسلحة مؤخرا”، وأرسلت عبر “عناصر” في السفارة الإيرانية في الجزائر، بحسب فرانس برس.
وكانت أزمة دبلوماسية قد نشبت بين البلدين في 2009، بسبب انتقاد إيران لمواقف المملكة المغربية المتضامنة مع دولة البحرين، إلى أنها عادت مرة أخرى في 2015 عندما قررت إيران تعيين سفيرًا جديدا لها بالرباط.
ونقلت تقارير إعلامية عن مصادر مغربية أن “البوليساريو” بدأت خطة “المظلة الصامدة” وهى حفر أنفاق في المنطقة العازلة بإشراف خبراء من حزب الله، وذلك تزامنا مع دخول ملف الصحراء جدول أعمال مجلس الأمن.
وبدأ النزاع حول إقليم الصحراء عام 1975، بعد إنهاء الاحتلال الإسباني وجوده في المنطقة، ليتحول الخلاف بين المغرب و”البوليساريو” إلى نزاع مسلح، استمر حتى 1991، بتوقيع اتفاق لوقف إطلاق النار.
وتصر الرباط على أحقيتها في إقليم الصحراء، وتقترح كحل حكمًا ذاتيًا موسعًا تحت سيادتها، بينما تطالب “البوليساريو” بتنظيم استفتاء لتقرير المصير، وهو طرح تدعمه الجزائر، التي تؤوي لاجئين من الإقليم.
“البوليسارو” تنفي
من جانبه، فنّد أبي بشاري البشير، الممثل عن جبهة البوليساريو في فرنسا، أمس الثلاثاء، قطع المغرب للعلاقات مع إيران على خلفية تقديم حزب الله اللبناني لدعم وتدريب لعناصر الجبهة، قائلًا إنه “يتحدى” الحكومة المغربية تقديم أدلة على ذلك.
ونقلت وكالة الأنباء الصحراوية التابعة لـ”البوليساريو” على لسان البشير قوله: “إن الجيش الشعبي خاض حربه التحريرية الوطنية بالاعتماد بشكل حصري على الإنسان والكادر الصحراوي فقط، ولم يُسجل طيلة فترة الكفاح المسلح ضد الاحتلال المغربي، وجود عسكري تابع لأية جهة أجنبية كيف ما كانت، بجانب الجيش الشعبي الصحراوي”.
وتابع قائلا: “إن هذا الادعاء الجديد، هو مجرد خطوة انتهازية يقوم بها المغرب للتموقع ضمن المتغيرات الإقليمية والدولية الجديدة ويهدف من ورائها إلى محاولة الاحتماء من وقعِ قرار مجلس الأمن الدولي الأخير، خاصة ما يتعلق منه بموعد 6 أشهر الذي يشكل سيفا مسلطا على رقبة الاحتلال من أجل استئناف المفاوضات المباشرة بين طرفي النزاع تحت رعاية الامم المتحدة”.
حزب الله يرُد
ونفى حزب الله اللبناني، ما وصفها بـ”مزاعم” المغرب حول قيام الحزب بدعم وتدريب جبهة البوليساريو الانفصالية، معتبرا أن المغرب لجأ لذلك بفعل “ضغوط دولية” على حد تعبيره.
جاء ذلك في بيان للحزب نشرته وكالة الأنباء اللبنانية الرسمية، وجاء فيه: “تعليقا على القرار المغربي بقطع العلاقات الدبلوماسية مع إيران، وحول مزاعم وزير خارجيتها، بقيام حزب الله بدعم وتدريب جبهة البوليساريو، ينفي حزب الله هذه المزاعم والاتهامات جملة وتفصيلا، ويعتبر أنه من المؤسف أن يلجأ المغرب بفعل ضغوط أميركية وإسرائيلية وسعودية، إلى توجيه هذه الاتهامات الباطلة”.
وأضاف البيان: “ويرى أنه كان حريا بالخارجية المغربية، أن تبحث عن حجة أكثر إقناعا، لقطع علاقاتها مع إيران، التي وقفت وتقف إلى جانب القضية الفلسطينية، وتساندها بكل قوة، بدل اختراع هذه الحجج الواهية”.
السعودية
وفي خطوه متوقعه، أعلنت السعودية، مساء أمس الثلاثاء، “وقوفها إلى جانب المملكة المغربية الشقيقة في كل ما يضمن أمنها واستقرارها، بما في ذلك قرارها بقطع علاقاتها مع إيران”.
جاء ذلك بحسب ما نقلت وكالة الأنباء السعودية الرسمية (واس) عن مصدر مسؤول في وزارة الخارجية ( لم تذكر اسمه)، وأعرب عن “وقوف السعودية إلى جانب المملكة المغربية الشقيقة في كل ما يهدد أمنها واستقرارها ووحدتها الترابية”.
وبين أن بلاده “تدين بشدة التدخلات الإيرانية في شؤون المغرب الداخلية من خلال أداتها ميليشيا حزب الله الإرهابية التي تقوم بتدريب عناصر جماعة البوليساريو، بهدف زعزعة الأمن والاستقرار في المملكة المغربية”.
وقطعت السعودية علاقاتها مع إيران في يناير 2016، على خلفية الاعتداءات التي تعرضت لها سفارة المملكة في طهران، وقنصليتها في مدينة مشهد، شمال إيران، وإضرام النار فيهما، احتجاجًا على إعدام نمر باقر النمر، رجل الدين الشيعي السعودي، مع 46 مدانًا بالانتماء لـ”التنظيمات الإرهابية”.
الإمارات
وعلق الدكتور أنور قرقاش، وزير الدولة للشؤون الخارجية على الأزمة بين المغرب إيران عبر “تويتر”، قائلًا: “نقف مع المغرب في حرصها على قضاياها الوطنية، وضد التدخلات الإيرانية في شؤونها الداخلية، سياستنا وتوجهنا الداعم للمغرب إرث تاريخي راسخ، أسس له الشيخ زايد والملك الحسن رحمهما الله، وموقفنا ثابت في السراء والضراء”.
وتعترض الإمارات على سيادة إيران على جزيرتين في الخليج العربي بينما تعتبرهما إيران جزءًا لا يتجزأ منها: طنب الصغرى وطنب الكبرى، وقد كانت الجزر تسيطر عليها إيران منذ نوفمبر 1971، عقب رحيل القوات البريطانية من الخليج العربي، وقبل بضعة أيام من إعلان استقلال الإمارات في ديسمبر 1971.
البحرين
من جانبه، أكد الشيخ خالد بن أحمد، وزير الخارجية البحريني، على تأييد بلاده لموقف المغرب وقطعة العلاقات مع إيران في تغريدة للوزير البحريني، على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي، “تويتر”، حيث قال: “نقف مع المغرب في كل موجب كما يقف معنا دائما. ونؤيد بقوة قراره الصائب بقطع العلاقات مع إيران نتيجة دعمها لأعداء المغرب بالتعاون مع حزب الله الإرهابي.. حفظ الله الملك محمد السادس والشعب المغربي الشقيق”.
وتابع الشيخ خالد بن أحمد في تغريدة منفصلة: “اجريت اتصالا هاتفيا مع معالي الأخ ناصر بوريطة وأكدت له بأن البحرين، ملكا وحكومة وشعبا، تقف مع المغرب الشقيق في كل ظرف وموجب، وان ما يمس المغرب يمسنا ويمس الأمن القومي العربي. حفظ الله المغرب ملكا وشعبا”.
قطر
وذكرت قطر في بيان نشرته وكالة الأنباء القطرية: “تعلن دولة قطر تضامنها العميق والكامل مع المملكة المغربية الشقيقة في المحافظة على سلامة ووحدة أراضيها في وجه أية محاولات تستهدف تقويض هذه الوحدة أو تستهدف أمن المملكة المغربية الشقيقة وسلامة مواطنيها.”
وأضاف البيان: “تشدد دولة قطر على أهمية احترام المبادئ التي تحكم العلاقات بين الدول وفى مقدمتها احترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية وحل الخلافات بالحوار ومن خلال الوسائل والطرق السلمية المتعارف عليها دولياً”.